حين يجمع الزجال بين الكتابة واللحن.بين الزجل والموسيقى.لابد أن تكون للتجربة ما يميزها عن غيرها.
من محاسن الزجال حميد تهنية.أنه من هذا الصنف الموهوب والمحظوظ.الجامع بين هذه المفاتن الجمالية.عرفته زجالا وسيما وإنسانا يفيض حبا وابتسامة،تكاد لا تفارق محياه..عرفته قبل اكتشاف المواهب المذكورة.حين استدعيت لحضور حفل توقيع ديوانه الزجلي "أنوار الظلمة" .الذي حضره جمهور غفير بإحدى قاعات مندوبية وزارة الثقافة بفاس.هذا الحفل الذي آثر أن أكون فيه أنا المكرم.قيمة تنضاف لكرم هذا الرجل الغالي على قلبي..
فالزجال حميد تهنية، يقوم بوضع ألحان خاصة لقصائده.يغنيها بنفسه.فهو يمتلك صوت بلبل صداح.تود لو يقدم لك قصائده مغناة.لا مقروءة.هذا ما جعل أزجاله يأتينا فيها الإيقاع الداخلي ممزوج، بل ومتناغم مع الإيقاع الخارجي.مما يضفي على ما يكتب لمسات غنائية سحرية جذابة.
ونحن نقرأ قصائد الزجال حميد تهنية.نجزم أنها بالفعل ملحنة على الورقة،ولا تحتاج إلى جوقة موسيقية،أو لصوت ناعم يقدمها لنا في طقوسها الفنية.سمة ينفرد بها المبدع عن غيره من الزجالين الذين تعرفت عليهم خلال مسيرتي الزجلية.
ميزة أخرى تميزبها الزجال حميد تهنية.لغته المشبعة بمفردات ينتقيها بدقة متناهية.من معجم الملحون.ليزين بها قصائده.عملا بمبدأ الانفتاح على التراث الإنساني عموما ،والوطني بشكل خاص.وهو ما يُعتبر شرطا من شروط الكتابة،فالزجال حميد تهنية.منفتح على تراثه ،منفتح في رؤاه.إذ نجده يتعامل بطريقة ذكية مع مادة الملحون، لإثراء معجمه.نجده كذلك يوظف المثل الشعبي.ويستثمر الحكاية الشعبية في قصائده."قصيدة ضيف لقصيدة" نموذجا.
في الأمثال الشعبية نجد:
* يا اهْلي ضَربُو السَّايَبْ أَيْخافْ الْمَرْبُوطْ
من حكايتنا الشعبية.تمت الاستفادة من حكاية الذئب الذي نصب نفسه قاضيا.
*أرْضِينَا بَ الذِّيبْ أيكُون قَاضِي.
عن المعجم.
ونحن نقرأ للزجال حميد تهنية.نشم في قصائده رائحة ملحونية حاضرة بقوة.أسوق بعض المفردات.عرف الزجال حميد كيف يلتقطها ويوظفها.دون حشو ولا زيادة.وحده المتمكن من أدواته يستطيع أن يتعامل مع معجم الملحون بالطريقة التي برع فيها الزجال حميد تهنية.
* "مَنْ لِيعْتْ – يَاكْ أَنْطَمْسَاتْ أَرْماكْها- وِينْ رْواحْ طْيارْها- الضَّرْغَامْ- اليَعْفُور-.."
عموما فقصيدة "ضيف لقصيدة" هي سرابة من القياسات المتعارف عليها في الملحون.فالاطلاع الواسع لحميد تهنية على تراثه الزاخر هو ما دفع به ،للغوص أكثر في أعماق هذا العلم الرقيق.كما يسميه الزجال البارع الحاج اتهامي لمدغري.هذا التراكم المعرفي هو ما أعطى للزجال حميد تهنية أسلوبه الخاص و المميز في الكتابة الزجلية.ما جعله ،متفردا ،ومختلفا عن غيره من زجالي عصره.
الزجال:إدريس أمغار المسناوي