التغطية منقولة من الموقع الاجتماعي فيسبوك صفحة المسرحي رشيد قولا
مسرحية:سارحين الزمان .و مسرحية:شوية من كلام زارا.
اية علاقة بينهما.
ستطل فرقة :تيفولت للمسرح.على جمهورها بعمل مسرحى جديد :شوية من كلام زارا.للزجال الكبير ادريس المسناوى .كابداع مسرحى ثاني ياتى بعد مسرحية:سارحين الزمان التى قدمتها الفرقة فى ماى من السنة الفارطة.
فى جميع اصدارات هذا المبدع من زجل ورواية ومسرحية نجد دائما خيطا رابطا بينهم.او بالاحرى كل ابداع يصدره يعتبر حلقة مكونة لسلسلة واحدة .لتاكيد ذلك هو هذا الاشتغال فى المسرحيتين على ثمة الانسان.
فى سارحين الزمان.جعل المؤلف المراة هى المجهر و المكروسكوب للذات الانسانية فى ابعادها الثلاثة :الكبد والقلب والعقل . تلك هي مكونات الجسد التى يجب تطهيرها من شوائب الشر الدفين .عبر مصفات لتحديد مناطق الظل والضوء .لتغليب الاخير لتصبح الذات طاهرة وخالية من الشر الانسانى.
تناول المراة فى الاعمال الادبية و الفنية يعتبر ظاهرة قديمة الا ان الجديد فى سارحين الزمان .ذلك التناول الفريد من نوعه للمراة .حيث فرضت نفسها و وجودها فى ابعادها: التارخية والفنية و الفلسفية و الصوفية.نجدها مادة فاعلة فى المسرحية تنطق بالمستور و تفضح المدسوس فى غياهب الذات . بغية الوصول الى التطهير الذى حدده ارسطو فى كتابه"فن الشعر"اى تطهير الكبد والقلب والعقل.
فى نهاية المسرحية يصل المؤلف نالمتلقى الى حقيقة الضوء الدفين فى جسد الانسان.عبر القيام بعدة تمارين تدور رحاها داخل المراة . ليظهر الضوء متكلما باسم الذات وقاهرا للظل . بمعنى اخر تغليب قيم الخير المولودة مع الانسان وقتل ذلك الشر المكتسب. ليظهر انسان المستقبل وانسان الابداع الحقيقى.
هنا يطرح السؤال التالى:هل مهمة هذا الانسان / الضوء تتوقف عند هذا الحد .اى فقط تحديد منطقة الظل والضوء؟
لياتى الجواب فى مسرحية"شوية من كلام زارا" ككتابة درامتوروجية اعتمد فيها المؤلف بشكل خاص على كتاب " هكذا تكلم زارا دوشترا " للفيلسوف الألماني نيتشه . حيث حدد ادريس المسناوي المهمة الموالية والكبرى لهذا الانسان / الضوء الذي أفرزته " سارحين الزمان " مهمة السفر في المجهول المفترض في ذات الانسان بحثا عن ذاك التفوق الدفين .
لتظهر ثنائية . الانسان العادي والانسان المتفوق الذي عرفه نيتشه في كتابه , بالانسان الاعلى كرؤية مستقبلية للانسان المنحدر من الانسان الحالي . هده الرؤية أخلاقية وليست جسمانية , حيث الانسان الاعلى هو القوي او " super mane" بتفكيره ومبدأه وجسمه . انسان يتحدى الصعب والمستحيل بشاعته ومخاطرته .
فلسفة زارا تطفح في المسرحية كنزعة فردية , ترى في وجود المجتمع فقط انتاج الانسان العالي والمتفوق . ليأتى التعريف الاتي للانسان العادي والمتفوق :
- الانسان العادي : نعش متحرك يحمل بداخله ارادة مسجونة .
- الانسان المتفوق : من يستطيع الوقوف على تلك الارادة القوية وجعلها فاعلة ومتأثرة ومؤثرة في الحياة , للقضاء على الشر وبروز الخير .
ليأتي السؤال الفارض نفسه : هل بامكان وبمقدرة جميع الناس العبور من انسانهم العادي الى النسان الاعلى والمتفوق ?
ليتجلى الجواب في المسرحية . ليس بامكان الكل القيام بذلك , لكن هناك فئة قليلة باستطاعتها فعل هذا , انها فئة المبدعين خصوصا منهم الشعراء . اي هم من عليهم مسؤولية العبور بابدعاتهم من الابتذال والهزالة الى ذلك الابداع الحقيقي المقلق لراحة الاخر الذي ينصب نفسه مسؤولا عن الصلاح والعدل .
لتظهر القيمة الحقيقية للشعراء , الا وهي قيمة البحث عن الحقيقة والجهر بها . لبناء فلسفة أخلاقية تمجد الحياة وتصور " أسطورة المستقبل بأجمل بيان شعري " كما جاء في المسرحية .
والموت في " شوية من كلام زارا " ماهوا الا فناء الجسد ليبقى الابداع العالي أزلي و ان كان سيستنكر لكن التاريخ منصف لا محال . والدليل على ذالك ان فلسفة زارا ظهرت في القرن السادس قبل الميلاد وهاهي حاضرة في يومنا هذا وصامدة , كوصايا وظفها المؤلف بذكاء وحولها الى خطابات تؤكد ان الوقت قد حان لبلوغ اهداف أسمى معلقة كثريات في سماء الابداع الواسعة . من يستطيع الوصول اليها عليه ان يتحول الى نسر كاسر قادر على تجاوز ذاته وشهواته لاكتشاف اسرار العلو . ان قنطرة العبور لهذا العلو هو التعلم والتعلم ولا شيء أخر غير التعلم .
ان الهدف الاسمى والمنشود في ابداعات - ادريس المسناوي -
- اولا : الرقي بلغتنا الدارجة عن طريق تجاوز طرح مواضيع مبتذلة تجعل من اللغة تحتوي على مفردات مبتذلة هي الاخرى , والتطرق الى مواضيع تنهل من ماهو فلسفي وصوفي . لتظهر لغتنا في ابداعات المسناوي , لغة انيقة وعالمة .
- ثانيا:اعادة قراءة التاريخ و النبش فى الموروث الشفاهى والفرجوى فى صيغه المحلية و الاقليمية و العالمية .لتاسيس تاريخ انسانى اكثر اشراقا ومنصفا للمبدعين الحقيقيين.
ان كتابة نص مسرحى بشخصية واحدة يستلزم الحفاض على مكونات التسلسل الدرامى المنطقى .اى هناك بداية ووسط ونهاية .ثم الحفاض على الشكل و الصراع و الحدث و الحبكة و الشخصية.لذلك وجب توفر لغة مسرحية قادرة على التركيز العالى لتوصيل المعنى وتساير التطور .
مدة عرض مسرحية بممثل واحد قليلة مقارنة مع مدة عرض مسرحية جماعية .فى الاخيرة الشخصيات تتكلم عن نفسها بنفسها واحيانا تتكلم شخصيات اخرى عنها .اما فى المسرح الفردى شخصية واحدة بلغة مركزة و جسد مرن و بطاقة صوتية هى من تؤدى مجموعة من الادوار دون الاخلال بنظام تكوين الشخصية الرئيسية بين الادوار المؤدات.
هذا البناء الادبى والدرامى صاغه المؤلف فى المسرحية باتقان .حيث نجد البداية كاحالة للتسلسل التاريخى للمسرحية . بظهور المعرف الاساسى لشخصية زارا.نيتشه .بعد ذلك دخل نيتشه في مغارة فلسفة زارا.
بعد ذلك يخرج زارا بعصاه مرحبا بالحضور ومخبرا سبب قدومه وهي بشرى يحملها لهم عبارة عن نبأ *الانسان المتفوق *.
وتبدأ الرحلة و نحن نقترب من وسط المسرحية ليظهر الصراع الفني الكامن في صراع المبدع مع اعداء الابداع.
في النهاية يظهر انحطاط اعداء الانسانية وبروز قيمة المبدع المناضل.