كل ما في الأرض من فلسفة + لا يعزي فاقدا فيمن فقد
مات الزجال المرموق محمد الراشق ولكن لم تمت بسمته الصادقة وعينه العاشقة للتراث الشعبي. لم تمت كلماته المحلقة في ربوع وطننا على صهوة "مكسور لجناح"، السابحة في حوض "الزطمَه عل الما". كلماته تدفع المتلقي دفعا إلى رحاب الملحون الذي عشقه المرحوم، حيث نفس المتن اللغوي العتيق المستمد من عمق العامية في تفاعلها مع الفصحى. في زجله تحس بأنفاسه الحارة تتفرس الواقع الملئ بالأحزان والحيرة، وتتطلع للمجهول الغائم الأفق:
[rtl]أيا لرياح الجّايه[/rtl]
[rtl]ديري بحساب العريان[/rtl]
[rtl]الرميله على قد الحال[/rtl]
[rtl]والذات معلوله[/rtl]
[rtl]والـﮕانه مقتوله[/rtl]
[rtl]وما بقى ف القش ما يتحسب[/rtl]
[rtl]قهرتْ الجبال العاليه[/rtl]
[rtl]قتلتْ الطيور الشّاديه[/rtl]
[rtl]ديما حالك غضبان[/rtl]
[rtl]وشكون يرتاح لُه البال؟[/rtl]
[rtl]الدنيا بك مشغوله[/rtl]
[rtl]والطرقان ليك مقفوله[/rtl]
[rtl]وللّي قال مرتاح تيكذب. ( من ديوانه مكسور لجناح، ص75)[/rtl]
[rtl]عنوان هذا الديوان يحيل على وزن من أوزان الملحون، حيث البيت يتشكل من شطر واحد "الفراش" دون ثانٍ، مما يغيب معه التوازن الذي يحصل في شكل "المبيت" ذي الشطرين فما فوق. واختيار الزجال لهذا العنوان يعكس ولعه بفن الملحون ومصطلحاته، ولكنه في الوقت نفسه يسمح باستكناه ما كان يواجهه المرحوم من انكسار وعدم توازن في خضم الحياة الملئ بالألغام؛ إذ تتأجج الرغبة للتحليق في الأعالي ولكن الجناح مكسور. ولعل هذا ما وسم نصوص الديوان بما يمكن أن نصطلح علي بشعرية الحزن والقتامة:[/rtl]
[rtl]يا مرسول لحزان[/rtl]
[rtl]ومعمّر الدموع ويدان[/rtl]
[rtl]والزّارع من همي فدّان[/rtl]
[rtl]زدتِ لناري فتيله[/rtl]
[rtl]وحرقتِ فرحتي ف ليله[/rtl]
[rtl]ورجّعتِ وردتي ذبيله[/rtl]
[rtl]ومسحتِ من حياتي لوان. (المرجع نفسه، ص64).[/rtl]
[rtl]سنواصل بعدك يا صديقنا ويا صنونا حمل المشعل لبلوغ الأمل، نحزن حيث يجب الحزن ونفرح حيث يحلو الفرح، يواسي بعضنا بعضا وتستمر الكلمة في رحلتها الزجلية تحفر تربة هذا الواقع لإخراج الدرر ورسم سبل التحرر حتى نقوى جميعا على التحليق بعيدا في ضوء الدنيا...[/rtl]